يواجه الكثير من الأهل بعض المشاكل الصحية مع أطفالهم خلال فترة الطفولة، وعلى الرغم من بساطتها وإمكانية علاجها إلّا أنها قد تؤثر على نوعية حياة الطفل والأهل معاً لتسلبهم الراحة والهدوء.
إحدى هذه المشاكل الشائعة في عمر الطفولة هي مشكلة التبول الليلي اللاإرادي.
يستيقظ الطفل على فراش مبلل، ليالٍ دون نوم كافٍ، تعب وسهر وغسيل، وحالة من اليأس والإحباط تصيب الطفل والأهل على حد سواء.
لكن الشئ الجيد هو أن هذه المشكلة يمكن حلها والتخلص منها عندما يتثقف الأهل عن كيفية حدوثها وكيفية التعامل معها ليكونوا قادرين على دعم ومساعدة طفلهم.
ما هو تعريف التبول الليلي اللاإرادي؟
التبول الليلي اللاإرادي هو خروج كمية من البول قد تكون كبيرة أو صغيرة بشكل لا إرادي من المثانة أثناء نوم الطفل، على أن يكون عمر الطفل قد تجاوز الخمس سنوات وهو العمر الذي يجعل الطفل قادراً على السيطرة على المثانة.
في أغلب الأحيان يتم التغاضي عن هذه المشكلة من قبل الأهل باعتبارها عرضاً طبيعيا ًوسيختفي مع الوقت دون فهم أسباب حدوثه وما قد تتركه من آثار سلبية على حياة طفلهم.
أغلب الأطفال يكبرون ويتخلصون من مشكلة التبول الليلي اللاإرادي لكن تبقى نسبة منهم بعد عمر الخمس سنوات تعاني منه.
ما هي نسبة الإصابة بمشكلة التبول الليلي اللاإرادي؟
- تصل نسبة الأطفال الذين يعانون من مشكلة التبول الليلي اللاإرادي بعمر الخمس سنوات ما يقارب 15%.
- تقل النسبة كلما كبر الطفل لتصل إلى 10% في عمر السبع سنوات، وتصل النسبة إلى 2-3% عندما يبلغ الأطفال سن الرشد 18 عاماً.
في بعض الأحيان يتعامل الأهل مع الطفل الذي يعاني من مشكلة التبول الليلي اللاإرادي بطريقة قاسية و قد يلومونه على ذلك ويعاقبونه. لكن عندما يفهم الأهل أسباب المشكلة و أبعادها المختلفة، سيلجأوا لأسلوب مختلف في التعامل فيه تعاطف وصبر وتفهّم.
فما هي أسبابه؟
- صغر سعة المثانة الوظيفية (Small functional bladder capacity)
تكون حجم المثانة طبيعية عند هؤلاء الأطفال لكن تقوم المثانة باستشعار امتلائها حتى لو لم تكن ممتلئة مما يسبب الحاجة لتفريغ المثانة و هي غير ممتلئة و بالتالي بيلل الطفل سريره.
- زيادة إفراز البول أثناء الليل نتيجة نقص الهرمون المانع للتبول فاسوبريسين (ADH)
في نسبة محددة من الأطفال يكون إنتاج الهرمون قليلاً.
- النوم العميق وعدم استجابة الدماغ لامتلاء المثانة (lack of Arousability of the brain )
الأسباب المساعدة :
- الإمساك المزمن (Chronic constipation)
قد يتساءل البعض عن ماهية العلاقة بين الإمساك المزمن والتبول الليلي اللاإرادي.
ما يحدث هو أن بقاء البراز لفترة من الزمن في المنطقة السفلية من الأمعاء (المستقيم) يسبّب الضغط على المثانة كون أنها تقع خلف المثانة، بالتالي تقلّل قدرة المثانة على تخزين كمية أكبر من البول، لذلك يجب على الطبيب السؤال عن عادات الإخراج و طبيعة الخروج عند الطفل.
- انقطاع النفس الانسدادي النومي (Sleep apnea)
نتيجة لانقطاع النفس أثناء النوم والتعب، يدخل الطفل في حالة نوم عميق وبالتالي تصبح استجابة الدماغ لتنبيه المثانة مغيّبة و تقوم المثانة بتفريغ البول.
- العامل الوراثي
بينت الدراسات عبر السنوات إنه في حال:
- كان أحد الوالدين يعاني ن التبول الليلي اللاإرادي في طفولته فإن فرصة إصابة طفلهم تكون تقريباً 40%
- كان كلا الوالدين يعانيان من التبول الليلي اللاإرادي في طفولتهما فإن فرصة إصابة طفلهم ترتفع إلى ما يقارب 75%
- أما في حال لم يعاني أي من الأبوين من المشكلة في طفولتهما تقل النسبة إلى 15%
ما هي الآثار السلبية التي قد تنتج عن عدم علاج مشكلة التبول الليلي اللاإرادي؟
- العامل الأهم هو الأثر النفسي الذي تتركه هذه المشكلة على الطفل، قد تتزعزع ثقته بنفسه ويشعر بأنه سبب المشكلة ويلوم نفسه بالتالي تصبح ثقته بنفسه ضعيفة، كما أنه قد يشعر بالخجل من أفراد الأسرة مثل الإخوة والأخوات والوالدين.
- الانعزال الاجتماعي واعتزال النشاطات الجماعية التي فيها نوم خارج المنزل بسبب خوفه من أن يبلل نفسه فيكتشف أصدقاؤه وأقاربه ذلك. لن يذهب إلى أي تجمعات ليلية كشفية أو المبيت عند الأقارب والأصحاب، أو السفر، ببساطة لن يقبل أن ينام خارج المنزل.
- تأثر الأداء الدراسي بسبب عدم نيل القسط الكافي من النوم بسبب الصحو المتكرر بالليل والفراش المبلل والحاجة للاغتسال.
- مع تكرار ملاصقة البول للجلد، قد يتحسس الجلد خصوصاً في منطقة الشرج وال genital area ويعاني الطفل من الحكة والالتهابات أو التحسسات الجلدية.
كيف يتم تشخيص الطفل بأنه مصاب بالتبول الليلي اللاإرادي؟
يجب على الأهل عدم إهمال المشكلة وخصوصاً إذا كانت تؤثر على حياة الطفل بشكل يومي و مباشر. الخطوة الصحيحة هي بزيارة الطبيب (طبيب العائلة، طبيب المسالك البولية أو طبيب الأطفال)
1) سيقوم الطبيب بأخذ السيرة المرضية لطفلك والتحاور معه لاستخلاص أي معلومة تساعد الطبيب على التشخيص.
2) فحص الطفل سريرياً.
3) قد يقوم الطبيب المختص بأخذ صورة صوتية لرؤية المثانة والكلى (الجهاز البولي) للتأكد من سلامته.
4) طلب فحوصات بول أو دم مخبرية إذا استدعى الأمر لاستثناء وجود أي التهابات والتأكد من سلامة عمل الكلية.
بعد أن يصل الطبيب إلى التشخيص سيقوم بتحديد أسلوب العلاج المناسب لحالة الطفل، حيث إن هناك خيارات متعددة أمام الطبيب.
إذا كانت المشكلة ثانوية بسبب مشكلة أخرى، يجب علاج المشكلة الأساسية مثل الإمساك أو الالتهابات البولية، ألخ.. .
وفي حال أن السبب هو تبول ليلي لاإرادي أولي، قد يختار الطبيب حسب شدة الحالة البدء في التعديل السلوكي أو العلاجات الأخرى.
التعديل السلوكي:
- الحد من كمية السوائل التي يشربها الطفل قبل النوم.
- تشجيع الطفل على شرب كميات جيدة من الماء خلال النهار.
- استعمال الحمام بشكل منتظم خلال اليوم (من 4-8) مرات في النهار.
- استعمال الحمام مباشرة قبل الذهاب للنوم.
- تشجيع الطفل من خلال إنشاء مفكرة وجدول مكافئات حيث يسجل فيه كل يوم مواعيد الشرب و استعمال الحمام. وإذا التزم بالتعليمات و لم يبلل فراشه سيحصل على نقاط تخوله الحصول على مكافأة.
- الابتعاد عن المنتجات التي تحتوي على الكافيين.
منبهات البلل:
تعمل هذه الأجهزة على تنبيه الطفل عند امتلاء المثانة عن طريق تدريب الدماغ وتنبيهه عند امتلاء المثانة. بالتدريج سيتعلم الطفل السيطرة على المثانة.
العلاجات الدوائية:
من أهمها العلاجات التي تعمل على تقليل إنتاج البول في الليل (DDAVP)
علاجات أخرى دوائية يقرر الطبيب أهمية استعمالها.
بالنهاية، وبغض النظر عن خيار العلاج، يجب أن يترافق العلاج مع دعم الأهل للطفل وتشجيعه والوقوف في صف الطفل حتى يتم القضاء على هذه المشكلة ليستعيد الطفل حياته الطبيعية.
